.

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
.

.


    رحلة الامام الشافعى 2

    أبو نورسين
    أبو نورسين
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 6883
    تاريخ التسجيل : 03/04/2010
    العمر : 49
    الموقع : مصرى

    رحلة الامام الشافعى 2 Empty رحلة الامام الشافعى 2

    مُساهمة من طرف أبو نورسين الثلاثاء 8 سبتمبر - 7:46

    قال الشافعي: فنمت ليلتي. فلما كان في الثلث الأخير من الليل عند انفجار الصبح قرع مالك علي الباب، فأقرعت فقال لي:
    - الصلاة يرحمك الله!
    فرأيته حاملاً إناء فيه ماء ليُسبغ علي ذلك، فقال لي:
    - لا يرعاك ما رأيت مني، فخدمة الضيف فرض.
    قال الشافعي – رضي الله عنه -: فتجهزت للصلاة، وصليت الفجر مع مالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس لا يعرف بعضهم بعضًا من الغَلَس، وجلس كل واحد منا في مصلاه نسبح الله إلى أن طلعت الشمس على رؤوس الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال، فصلى كل امرئ منا ما قسم له ثم جلس في مجلسه بالأمس وناولني الموطأ أمليه وأقرأه على الناس وهم يكتبون. قال الشافعي – رضي الله عنه -: فأتيت على حفظه من أوله إلى آخره من القراءة وأقمت ضيف مالك ثمانية أشهر، فما علم أحدٌ من الأنس الذي كان بيننا أينا الضيف. ثم قدم على مالك المصريون بعد قضاء حجَّهم زائرين لنبيهم وتسمَّعوا الموطأ، قال الشافعي – رضي الله عنه -: فأمليته عليهم: حفظًا، منهم عبد الله بن عبد الحكم وأشهب وابن القاسم – قال الربيع: وأحسب أ،ه ذكر الليث بن سعد – ثم قدم بعد ذلك أهل العراق زائرين لنبيهم، قال الشافعي – رضي الله عنه -: فرأيت بين القبر والمنبر فتى جميل الوجه نظيف الثوب حسن الصلاة، فتوسمت فيه خيرًا، فسألته عن اسمه فأخبرني، سألته عن بلده فقال: في العراق.
    قال الشافعي – رضي الله عنه -: فقلت: أيُّ العراق؟
    قال: الكوفة.
    فقلت: مِنَ العالم فيها والمتكلم في نص كتاب الله والمفتي بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
    فقال: محمد بن الحسن وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة – رضي الله عنه -:
    فقال الشافعي – رضي الله عنه – فقلت: ومتى عزمتم تظعنون؟
    فقال: في غداة غدٍ عند انفجار الفجر.
    فعدت إلى مالك فقلت له: قد خرجت من مكة في طلب العلم بغير استئذان العجوز فأعود إليها أو أرحل؟ وفي طلب العلم فائدة يرجع منها إلى عائدة.
    فقال: ألم تعلم بأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع؟
    قال الشافعي رضي الله عنه: فلما أزمعت السفر زودني مالك بصاع من أقط وصاع من شعير وصاع من تمر وسقاء فيه ماء؛ فلما كان في السحر وانفجر الفجر حمل بعض الإداوة وسار معي إلى البقيع، فصاح بعلو صوته:
    - من معه كراء راحلة إلى الكوفة؟
    فأقبلت عليه وقلت له: بمَ تكتري ولا شيء معك ولا شيء معي؟
    فقال لي: انصرفت البارحة عنك، وبعد العشاء الآخرة قرع عليَّ قارع الباب فخرجت إليه فأصبتُ ابن القاسم فسألني قبول هدية فقبلتها، فدفع إليَّ صرةً فيها مائة مثقال، وقد أتيتك بنصفها وجعلت النصف لعيالي.
    فاكترى لي بأربعة دنانير ودفع إليَّ باقي الدنانير وودَّعني وانصرف، فسرت في جملة الحاج حتى وصلت إلى الكوفة يوم أربعة وعشرين من المدينة، فنزلت المسجد بعد صلاة العصر وصليت العصر؛ فبينا أنا كذلك إذ رأيت غلامًا قد دخل المسجد، فصلى العصر، فما أحسن يصلي؛ فقمت ناصحًا له ومشفقًا فقلت له:
    - أحسن صلاتك، لا يعذَّب الله هذا الوجه الجميل بالنار.
    فقال لي: أنا أظنك من أهل الحجاز؛ فيكم الغلظة والجفاء، وليس فيكم رأفة أهل العراق، وأنا أصلي هذه الصلاة خمس عشرة سنة بين يدي محمد بن الحسن وأبي يوسف فما عابا عليَّ صلاتي قط.
    وخرج معجبًا ينفض رداءه في وجهي، فلقي – للتوفيق – محمدًا بن الحسن وأبا يوسف بباب المسجد، فاستخبرهما ولا علم لي بهما، فقال:
    - هل علمتما في صلاتي من عيب؟
    فقالا: اللهم لا.
    قال: ففي مسجدنا من قد عاب على صلاتي.
    فقالا: اذهب إليه فقل له: بم تدخل في الصلاة؟
    قال الشافعي – رضي الله عنه : فأتاني فقال لي:
    - يا من عاب علي صلاتي، بم تَدخل في الصلاة؟
    فقلت: بفرضين وسُنة.
    فعاد إليهما وأعلمهما بالجواب، فعلما أنه جواب من قد نظر في العلم، فقالا له:
    - اذهب فقل: ما الفرضان وما السنة؟
    فقلت: أما الفرضان؛ الأول النية والثاني تكبيرة الإحرام، والسنة رفع اليدين.
    فعاد إليهما وأعلمهما بذلك، فدخلا المسجد؛ فلما نظرا إليَّ أظنهما ازدرياني فجلسا ناحية وقالا له:
    - اذهب وقل له: أجب الشيخين.
    قال الشافعي – رضي الله عنه: فلما جاءني علمت أني مسؤول عن شيء من العلم، فقلت:
    - من حُكم العلم أن يؤتى إليه ولا يأتي، وما علمت لي إليهما من حاجة، فإن كان لهما إلي حاجة فليأتياني.
    قال الشافعي – رضي الله عنه: فقاما من مجلسهما إليَّ؛ فلما سلَّما عليَّ قمت إليهما وأجلست كل واحد منهما في مجلسه وأظهرت البشاشة لهما وجلست بين أيديهما؛ فأقبل علي محمد بن الحسن وقال لي:
    - أحرميٌّ أنت؟ قلت: نعم.
    قال: عربيٌ أم مولى؟ قلت: عربي.
    فقال: من أي العرب؟ فقلت: من وَلَد المطلب.
    قال: من ولد من؟ قلت: من ولد شافع.
    قال: رأيت مالكًا؟ قلت: من عنده أتيت.
    قال لي: نظرت في الموطأ؟ فقلت: أتيت على حفظه.
    فعظم عليه ذلك، ودعا بدواة وبياض، وكتب مسألة في الطهارة ومسألة في الصلاة ومسألة في الصلاة ومسألة في الزكاة ومسألة في البيوع ومسألة في الفرائض ومسألة في الرهن والحج والإيلاء، ومن كل باب في الفقه مسألة، وجعل بين كل مسألتين بياضًا ودفع إلي الدرج وقال لي:
    - أجب عن هذه المسائل من الموطأ.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 1 نوفمبر - 1:19