[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
رحلة مع الكنوز الالهية
مقدمة عن الأسماء الحسنى
1- أسماء الله تعالى توقيفية
مذهب جمهور العلماء أن أسماءَ الله تعالى توقيفية؛ أي لا يجوز الاجتهاد فيها أو القياس أو التشبيه أو التعطيل أو التأويل أو التحريف؛ لأنها من الأمور الغيبية التي لا تُعلم إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الباب ليس من أبواب الاجتهاد.
والإلحاد في أسماء الله سبحانه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها.
من أنواع الإلحاد:
1- أن يُسَمَّى الأصنامُ والأوثانُ بها؛ كتسمية المشركين اللات من الإله، والعزَّى من العزيز، ومنَاةَ من المنَّان، وتسميتهم الصَّنَم إلهًا.
2- تسمية الله بما لا يليق بجلاله؛ ومن ذلك تسميةُ النَّصارى له (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وتسمية بعض أهل الضلال له بـ (مهندس الكون)، أو ما جرى على ألسنة بعض العوام من أسماء ليست لله؛ كقولهم في كُرَبهم (يفرجها أبو غيمة الذي لا تنام عينه) ونحو ذلك؛ فكلُّ ذلك من الإلحاد في أسماء الله.
3- تعطيلُ الأسماء عن معانيها وجَحدُ حقائقها؛ كما قال ابنُ عباس رضي الله عنه: "الإلحاد التكذيب"؛ ومن ذلك قولُ المعَطِّلة: إنها ألفاظٌ مجرَّدةٌ لا تَدُلُّ على معان، ولا تتضمن صفات؛ تعالى الله عما يقولون.
4- تَشْبيهُ ما تضمَّنَتْه أسماءُ الله الحسنى من صفات عظيمة بصفات المخلوقين، والله يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
2- أهميتها
أهميتها عظيمة ومنزلتها في الدين عالية:
1- أنها أصلُ الإيمان وأصلُ العلم.
2- أنها قسم من أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
3- عبادة الله على بصيرة وعلى الوجه الأكمل، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتَّفَقُّه في معانيها.
4- الدُّعاء بها قبل معرفتها مُحال.
3- فَضْلها:
لمعرفتها والعمل بها فضائلُ لا تُحْصَرُ:
1- دخول الجنة؛ وهو وعدٌ إلهيٌّ، والله حَقٌّ، ووعدُه حَقٌّ.
2- كَسْبُ البركة؛ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
تبارك: تفاعل من البركة، والمعنى أن البركة تُكْتَسَبُ وتُنال بذكر اسمه.
3- التَّقرُّبُ لله ونَيْلُ معيَّته الخاصَّة.
4- من أسباب إجابة الدعاء فَادْعُوهُ بِهَا.
5- معرفة مدلولاتها والعمل بمقتضاها أهمُّ مصادر السَّعادة الحقيقية؛ فمن عظم عنده أمرُ الله صغر عنده كلُّ أمور الدنيا.
6- كلما حَسُنَت معرفة العبد بأسماء الله حَسنَ ظَنُّه بالله.
7- كلما ازداد العبدُ معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانُه وقَويَ يقينُه.
8- من كان بالله أعرف كان له أخوف .
4- معاني (الحسنى):
أسماءُ الله تعالى وصفاته كلُّها حسنى؛ أي بالغة في الحسن غايته، والحسنى تأنيثُ الأحسن؛ كالكبرى والصغرى تأنيث الأكبر والأصغر، ووَرَدَ وَصْفُها بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، ولوصفها بالحسنى عدة وجوه:
1- أنَّها دالَّةٌ على صفات كمال عظيمة.
2- شرف العلم بها؛ فالعلم بأسمائه أشرفُ العلوم.
3- ما وعد عليها من الثواب بدخول الجنة لمن أحصاها، والثواب عند الذكر للعبد، وجزيل العطاء عند التَّوَسُّل بالدُّعاء.
4- لكونها حسنةً في الأسماع والقلوب.
5- من تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها.
5- كيف ندعوه بها؟
تشمل فَادْعُوهُ بِهَا دعاءَ المسألة والطَّلَب ودعاءَ العبادة والثناء؛ فلا ندعوه ولا نسأله ولا نُثْني عليه إلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى:
1- دعاءُ المسألة والطَّلَب:
أن تبدأ دعاءك بتعظيم الله وتنزيهه، ثم تُقَدِّم بين يدي مطلوبك من أسماء الله - تعالى - ما يكون مناسبًا؛ مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ومن يتدبَّرُ الأدعيةَ الواردةَ في القرآن أو في السُّنَّة يجد أنه ما من دعاء منها يختم بشيء من أسماء الله الحسنى إلا ويكون في ذلك الاسم ارتباطٌ وتناسُبٌ مع الدُّعاء المطلوب؛ كقوله تعالى: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
2- دعاءُ العبادة والثَّناء:
أن تتعبَّد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء؛ فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب، وتَذْكُرُه بلسانك لأنَّه السميع، وتتعبَّدُ له بجوارحك لأنَّه البصيرُ، وتخشاه في السِّرِّ لأنه اللطيف الخبير، وتتوكل عليه بهمومك لأنَّه الوكيلُ الكافي، وعلى هذا النَّحْو في كلِّ أسمائه.
6- هل هي 99 اسمًا فقط؟
اتَّفَقَ علماءُ المسلمين على أنَّ أسماءَ الله تعالى أكثرُ من تسعة وتسعين وغيرُ محصورة بعدد معيَّن؛ كما نقل النَّوَويُّ وابنُ تيمية وغيرُهم من أهل العلم؛ إذ لا يجوز أن تتناهى أسماؤه؛ لأنَّ مدائحَه وفواضلَه غيرُ متناهية؛ فكلُّ اسم متضمِّنٌ صفةً، ومن الصفات ما يتعلَّق بأفعال الله، وأفعاله لا مُنْتَهَى لها.
وأَيَّدَ ذلك ابنُ القَيِّم: «أن الأسماءَ الحسنى لا تَدْخُلُ تحت حَصْر ولا تُحَدُّ بعدد؛ فإن لله تعالى أسماءً وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ». ثم اسْتدلَّ بالحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أسألُكَ بكُلِّ اسم هُوَ لَكَ سَمَّيتَ به نَفْسَكَ أوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا منْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ» .
وقال الخطابيُّ وغيرُه أنَّ معنى التِّسعة وتسعين إنَّما هو المُشرع بالدعاء بها، وغيرها من الأسماء لم يشرع لنا الدعاء بها.
وأشار البيهقيُّ بأنَّ تحديدَ تسعة وتسعين اسما لا يَنْفي غيرَها؛ وإنما وقع التَّخْصيصُ بذكرها لأنَّها أشهرُ الأسماء وأَبْيَنُها معاني، وفيها وَرَدَ الخبرُ أنَّ مَنْ أحصاها دخلَ الجنَّة.
إذن ما المقصود بـ99؟
المقصودُ كما ذَكَرَ جمهورُ العلماء هو الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصاء 99 اسمًا من أسماء الله تعالى، و(إن) الواردةَ في الحديث خبرٌ لـ (من أحصاها) بمعنى (إنَّ مَنْ أحصاها)، وذَكَرَ النَّجْديُّ في قول (تسعة وتسعون مائة إلا واحد): "هو تكرار للتأكيد".
7- معنى (أحصاها):
تحتمل عدةَ وجوه حَصَرَها ابنُ القَيِّم والخَطَّابيُّ في مراتب ثلاثة متقاربة:
1- الحفظ: إحصاءُ ألفاظها وعددها؛ أن يعدَّها حتى يستوفيها حفظًا كما قال به البخاريُّ والنَّوَويُّ، واستدلَّ براوية مسلم الأخرى للحديث: «مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
2- الفهم: فهم معانيها ومدلولها وحسن مراعاتها.
3- الدُّعاء: دعاؤه بها دعاءَ ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة.
قال القرطبيُّ عن مراتب إحصاء أسماء الله: «من كَرَم الله – تعالى - أنَّ مَنْ حَصَلَ له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحَّة النِّيَّة أن يُدْخلَه اللهُ الجنةَ؛ وهذه المراتب الثلاثة للسابقين والصِّدِّيقين وأصحاب اليمين».
7- من أحصاها؟
لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث حصر فيه أسماء الله الحسنى؛ ومن قام بحصرها هم ثلاثة من رواة الحديث اجتهادًا منهم، ثم ألحقوها بالحديث الوارد عن الرَّسول بأنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا؛ فالْتَبَسَ على بعض العامَّة أنَّها واردةٌ عن الرَّسول؛ ولذا تَتَبَّعَ عددٌ من العلماء الطُّرُقَ التي وردت فيها الأسماء فوجدوها جاءت من ثلاثة طرق كلُّها ليست عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
- وهي الطريق الأولى الأشهر بين الناس - عن الرَّاوي (الوليد بن مسلم)، أخرجها:
1- التِّرْمذيُّ في سُنَنه (3849)، كتاب الدَّعَوات.
2- ابنُ حبَّان في صحيحه، موارد الظمآن (2384).
3- الحاكم في المستدرك، (1/16).
4- ابن منده في كتاب التوحيد، (2/205).
5- البيهقيُّ في السُّنَن الكبرى، كتاب الإيمان (20312).
الطريق الثانية: عن الرَّاوي (عبد الملك بن محمد الصَّنعاني)، أخرجها: ابنُ ماجه في سننه، باب الدعاء (3994).
الطريق الثالثة: عن الرَّاوي (عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان)، أخرجها:
1- الحاكم في المستدرك (1/17).
2- البيهقي في الأسماء والصفات.
وهذه الرِّوايات الملحقة بالحديث هي اجتهادًا منهم وليست إلزامًا للأمة، ومن الخطأ التَّعْويلُ على هذا العَدِّ وقَصْرُ النَّاس عليه؛ فعلى سبيل المثال: في الكتاب والسُّنَّة أسماء ليست في رواية الوليد؛ مثل اسم "الرب" و"المنان" و"الوتر" و"الشافي"، وغيرها كثير.
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - عن هذه الرِّوايات الثَّلاثة: "قد اتَّفَقَ أهلُ المعرفة بالحديث على أنَّ تلك الرِّوايات ليست من كلام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وإنَّما من كلام بعض السَّلَف، ونَقَلَ ابنُ حجر عن ابن عطيَّة - رحمهما الله - قوله: "حديثُ التِّرْمذيِّ ليس بالمتواتر، وبعضُ الأسماء التي فيه شذوذٌ".
لأجل ذلك اختلفت قائمةُ أسماء الله الحسنى باختلاف العلماء حولها؛ فظهرت أسماءُ كثير منهم أعادوا جمعَ وحصرَ الأسماء الحسنى؛ مثل الخطابي والقرطبي وابن القيم الذي ألف قصيدة (النُّونيَّة)؛ رَصَدَ وشرح فيها أسماءَ الله ومعانيها في ستة آلاف بيت.
والشيخ السعديّ وابن عثيمين، وأخيرًا الشيخ ابن باز الذي أشرف على قائمة أَعَدَّها الشيخُ سعيد بن وهف القَحْطانيّ؛ وهي التي أخذنا بها في الكتاب مع إسقاطنا لاسم (جامع الناس ) مستعيضين عنه باسم (الوتر) الذي أورده الشيخ القحطانيُّ ضمنَ أسماء تزيد على التسعة وتسعين؛ وذلك لاختلاف العلماء حول اسم (جامع الناس) أنه من الأسماء المشْتَقَّة من الأفعال المقيَّدة بزمن أو مكان مخصوص؛ أي أنه بيوم القيامة فقط؛ }رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ** [آل عمران: 9]، وليست مطلقةً على كلِّ حال.
والله اعلم
رحلة مع الكنوز الالهية
مقدمة عن الأسماء الحسنى
1- أسماء الله تعالى توقيفية
مذهب جمهور العلماء أن أسماءَ الله تعالى توقيفية؛ أي لا يجوز الاجتهاد فيها أو القياس أو التشبيه أو التعطيل أو التأويل أو التحريف؛ لأنها من الأمور الغيبية التي لا تُعلم إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الباب ليس من أبواب الاجتهاد.
والإلحاد في أسماء الله سبحانه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها.
من أنواع الإلحاد:
1- أن يُسَمَّى الأصنامُ والأوثانُ بها؛ كتسمية المشركين اللات من الإله، والعزَّى من العزيز، ومنَاةَ من المنَّان، وتسميتهم الصَّنَم إلهًا.
2- تسمية الله بما لا يليق بجلاله؛ ومن ذلك تسميةُ النَّصارى له (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وتسمية بعض أهل الضلال له بـ (مهندس الكون)، أو ما جرى على ألسنة بعض العوام من أسماء ليست لله؛ كقولهم في كُرَبهم (يفرجها أبو غيمة الذي لا تنام عينه) ونحو ذلك؛ فكلُّ ذلك من الإلحاد في أسماء الله.
3- تعطيلُ الأسماء عن معانيها وجَحدُ حقائقها؛ كما قال ابنُ عباس رضي الله عنه: "الإلحاد التكذيب"؛ ومن ذلك قولُ المعَطِّلة: إنها ألفاظٌ مجرَّدةٌ لا تَدُلُّ على معان، ولا تتضمن صفات؛ تعالى الله عما يقولون.
4- تَشْبيهُ ما تضمَّنَتْه أسماءُ الله الحسنى من صفات عظيمة بصفات المخلوقين، والله يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
2- أهميتها
أهميتها عظيمة ومنزلتها في الدين عالية:
1- أنها أصلُ الإيمان وأصلُ العلم.
2- أنها قسم من أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
3- عبادة الله على بصيرة وعلى الوجه الأكمل، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتَّفَقُّه في معانيها.
4- الدُّعاء بها قبل معرفتها مُحال.
3- فَضْلها:
لمعرفتها والعمل بها فضائلُ لا تُحْصَرُ:
1- دخول الجنة؛ وهو وعدٌ إلهيٌّ، والله حَقٌّ، ووعدُه حَقٌّ.
2- كَسْبُ البركة؛ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
تبارك: تفاعل من البركة، والمعنى أن البركة تُكْتَسَبُ وتُنال بذكر اسمه.
3- التَّقرُّبُ لله ونَيْلُ معيَّته الخاصَّة.
4- من أسباب إجابة الدعاء فَادْعُوهُ بِهَا.
5- معرفة مدلولاتها والعمل بمقتضاها أهمُّ مصادر السَّعادة الحقيقية؛ فمن عظم عنده أمرُ الله صغر عنده كلُّ أمور الدنيا.
6- كلما حَسُنَت معرفة العبد بأسماء الله حَسنَ ظَنُّه بالله.
7- كلما ازداد العبدُ معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانُه وقَويَ يقينُه.
8- من كان بالله أعرف كان له أخوف .
4- معاني (الحسنى):
أسماءُ الله تعالى وصفاته كلُّها حسنى؛ أي بالغة في الحسن غايته، والحسنى تأنيثُ الأحسن؛ كالكبرى والصغرى تأنيث الأكبر والأصغر، ووَرَدَ وَصْفُها بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، ولوصفها بالحسنى عدة وجوه:
1- أنَّها دالَّةٌ على صفات كمال عظيمة.
2- شرف العلم بها؛ فالعلم بأسمائه أشرفُ العلوم.
3- ما وعد عليها من الثواب بدخول الجنة لمن أحصاها، والثواب عند الذكر للعبد، وجزيل العطاء عند التَّوَسُّل بالدُّعاء.
4- لكونها حسنةً في الأسماع والقلوب.
5- من تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها.
5- كيف ندعوه بها؟
تشمل فَادْعُوهُ بِهَا دعاءَ المسألة والطَّلَب ودعاءَ العبادة والثناء؛ فلا ندعوه ولا نسأله ولا نُثْني عليه إلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى:
1- دعاءُ المسألة والطَّلَب:
أن تبدأ دعاءك بتعظيم الله وتنزيهه، ثم تُقَدِّم بين يدي مطلوبك من أسماء الله - تعالى - ما يكون مناسبًا؛ مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ومن يتدبَّرُ الأدعيةَ الواردةَ في القرآن أو في السُّنَّة يجد أنه ما من دعاء منها يختم بشيء من أسماء الله الحسنى إلا ويكون في ذلك الاسم ارتباطٌ وتناسُبٌ مع الدُّعاء المطلوب؛ كقوله تعالى: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
2- دعاءُ العبادة والثَّناء:
أن تتعبَّد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء؛ فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب، وتَذْكُرُه بلسانك لأنَّه السميع، وتتعبَّدُ له بجوارحك لأنَّه البصيرُ، وتخشاه في السِّرِّ لأنه اللطيف الخبير، وتتوكل عليه بهمومك لأنَّه الوكيلُ الكافي، وعلى هذا النَّحْو في كلِّ أسمائه.
6- هل هي 99 اسمًا فقط؟
اتَّفَقَ علماءُ المسلمين على أنَّ أسماءَ الله تعالى أكثرُ من تسعة وتسعين وغيرُ محصورة بعدد معيَّن؛ كما نقل النَّوَويُّ وابنُ تيمية وغيرُهم من أهل العلم؛ إذ لا يجوز أن تتناهى أسماؤه؛ لأنَّ مدائحَه وفواضلَه غيرُ متناهية؛ فكلُّ اسم متضمِّنٌ صفةً، ومن الصفات ما يتعلَّق بأفعال الله، وأفعاله لا مُنْتَهَى لها.
وأَيَّدَ ذلك ابنُ القَيِّم: «أن الأسماءَ الحسنى لا تَدْخُلُ تحت حَصْر ولا تُحَدُّ بعدد؛ فإن لله تعالى أسماءً وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ». ثم اسْتدلَّ بالحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أسألُكَ بكُلِّ اسم هُوَ لَكَ سَمَّيتَ به نَفْسَكَ أوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا منْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ» .
وقال الخطابيُّ وغيرُه أنَّ معنى التِّسعة وتسعين إنَّما هو المُشرع بالدعاء بها، وغيرها من الأسماء لم يشرع لنا الدعاء بها.
وأشار البيهقيُّ بأنَّ تحديدَ تسعة وتسعين اسما لا يَنْفي غيرَها؛ وإنما وقع التَّخْصيصُ بذكرها لأنَّها أشهرُ الأسماء وأَبْيَنُها معاني، وفيها وَرَدَ الخبرُ أنَّ مَنْ أحصاها دخلَ الجنَّة.
إذن ما المقصود بـ99؟
المقصودُ كما ذَكَرَ جمهورُ العلماء هو الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصاء 99 اسمًا من أسماء الله تعالى، و(إن) الواردةَ في الحديث خبرٌ لـ (من أحصاها) بمعنى (إنَّ مَنْ أحصاها)، وذَكَرَ النَّجْديُّ في قول (تسعة وتسعون مائة إلا واحد): "هو تكرار للتأكيد".
7- معنى (أحصاها):
تحتمل عدةَ وجوه حَصَرَها ابنُ القَيِّم والخَطَّابيُّ في مراتب ثلاثة متقاربة:
1- الحفظ: إحصاءُ ألفاظها وعددها؛ أن يعدَّها حتى يستوفيها حفظًا كما قال به البخاريُّ والنَّوَويُّ، واستدلَّ براوية مسلم الأخرى للحديث: «مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
2- الفهم: فهم معانيها ومدلولها وحسن مراعاتها.
3- الدُّعاء: دعاؤه بها دعاءَ ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة.
قال القرطبيُّ عن مراتب إحصاء أسماء الله: «من كَرَم الله – تعالى - أنَّ مَنْ حَصَلَ له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحَّة النِّيَّة أن يُدْخلَه اللهُ الجنةَ؛ وهذه المراتب الثلاثة للسابقين والصِّدِّيقين وأصحاب اليمين».
7- من أحصاها؟
لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث حصر فيه أسماء الله الحسنى؛ ومن قام بحصرها هم ثلاثة من رواة الحديث اجتهادًا منهم، ثم ألحقوها بالحديث الوارد عن الرَّسول بأنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا؛ فالْتَبَسَ على بعض العامَّة أنَّها واردةٌ عن الرَّسول؛ ولذا تَتَبَّعَ عددٌ من العلماء الطُّرُقَ التي وردت فيها الأسماء فوجدوها جاءت من ثلاثة طرق كلُّها ليست عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
- وهي الطريق الأولى الأشهر بين الناس - عن الرَّاوي (الوليد بن مسلم)، أخرجها:
1- التِّرْمذيُّ في سُنَنه (3849)، كتاب الدَّعَوات.
2- ابنُ حبَّان في صحيحه، موارد الظمآن (2384).
3- الحاكم في المستدرك، (1/16).
4- ابن منده في كتاب التوحيد، (2/205).
5- البيهقيُّ في السُّنَن الكبرى، كتاب الإيمان (20312).
الطريق الثانية: عن الرَّاوي (عبد الملك بن محمد الصَّنعاني)، أخرجها: ابنُ ماجه في سننه، باب الدعاء (3994).
الطريق الثالثة: عن الرَّاوي (عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان)، أخرجها:
1- الحاكم في المستدرك (1/17).
2- البيهقي في الأسماء والصفات.
وهذه الرِّوايات الملحقة بالحديث هي اجتهادًا منهم وليست إلزامًا للأمة، ومن الخطأ التَّعْويلُ على هذا العَدِّ وقَصْرُ النَّاس عليه؛ فعلى سبيل المثال: في الكتاب والسُّنَّة أسماء ليست في رواية الوليد؛ مثل اسم "الرب" و"المنان" و"الوتر" و"الشافي"، وغيرها كثير.
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - عن هذه الرِّوايات الثَّلاثة: "قد اتَّفَقَ أهلُ المعرفة بالحديث على أنَّ تلك الرِّوايات ليست من كلام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وإنَّما من كلام بعض السَّلَف، ونَقَلَ ابنُ حجر عن ابن عطيَّة - رحمهما الله - قوله: "حديثُ التِّرْمذيِّ ليس بالمتواتر، وبعضُ الأسماء التي فيه شذوذٌ".
لأجل ذلك اختلفت قائمةُ أسماء الله الحسنى باختلاف العلماء حولها؛ فظهرت أسماءُ كثير منهم أعادوا جمعَ وحصرَ الأسماء الحسنى؛ مثل الخطابي والقرطبي وابن القيم الذي ألف قصيدة (النُّونيَّة)؛ رَصَدَ وشرح فيها أسماءَ الله ومعانيها في ستة آلاف بيت.
والشيخ السعديّ وابن عثيمين، وأخيرًا الشيخ ابن باز الذي أشرف على قائمة أَعَدَّها الشيخُ سعيد بن وهف القَحْطانيّ؛ وهي التي أخذنا بها في الكتاب مع إسقاطنا لاسم (جامع الناس ) مستعيضين عنه باسم (الوتر) الذي أورده الشيخ القحطانيُّ ضمنَ أسماء تزيد على التسعة وتسعين؛ وذلك لاختلاف العلماء حول اسم (جامع الناس) أنه من الأسماء المشْتَقَّة من الأفعال المقيَّدة بزمن أو مكان مخصوص؛ أي أنه بيوم القيامة فقط؛ }رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ** [آل عمران: 9]، وليست مطلقةً على كلِّ حال.
والله اعلم