[size=32]اخبرا الامام[/size] العالم أبو زكريا يحيى بن علي بن عبد الرحمن القلسي قراءة عليه قال: حدثنا الفقيه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف المقري في الجامع العتيق بمصر في شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد بن فتح المعروف بأبي الحسن المقري في سنة ثلاثين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشريف الرضي الموسوي أبو إسماعيل موسى بن الحسين بن علي بن إسماعيل بن علي الحسيني المقري ([1]) في سنة أربع وثمانين وأربعمائة بالجامع العتيق بمصر قال: أخبرنا الشيخ أبو العباس أحمد بن إبراهيم الفارسي في ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن عبد الله الرجل الصالح قراءة عليه وأنا أسمع ويحيى بن موسى العدل بمصر قالا: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد المقري الواعظ الكوار قال: حدثنا أبو الفرج عبد الرزاق حمران البطين قال: حدثنا أبو بكر محمد بن المنذر قال: حدثني الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول:
فارقت مكة – وأنا ابن أربع عشرة سنة لا نبات يعارضني – من الأبطح إلى ذي طوى، وعلي بردان يمانيان، فرأيت ركبًا منيخة سلمتُ عليهم فردوا علي السلام، فوثب إلي شيخ كان فيهم فقال:
- سألت بمن ألقيت علينا سلامه إلا ما حضرت طعامنا، وما كنت علمت أ،هم أحضروا طعامًا. فأجبت مسرعًا غير محتشم، فرأيت القوم بدوا يأخذون الطعام بالخمس ويدفعون بالراحة، فأخذت كأخذهم كيلا يستشنع عليهم مأكلي. قال: والشيخ ينظر إلي ساعة بعد ساعة. ثم أخذت السقاء وشربت ريَّا، وحمدت الله تعالى وأثنيت عليه.
قال: فأقبل علي الشيخ وقال:
- مكي أنت؟
قلت: مكي.
قال: قرشي أنت؟
قلت: قرشي.
ثم أقبلت عليه وقلت له:
- يا عم بم استدللت علي؟
- فقال: أما في الحضر طعام؟ من أحب أن يأكل طعام الناس أحب أن يأكلوا طعامه، وذلك في قريش خصوصًا.
قال الشافعي: فقلت: من أين؟
قال: من يثرب مدينة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: مَنْ العالم بها والمتكلم في نص كتاب الله والمفتي بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: سيدُ أصبح، مالك بن أنس – رضي الله عنه -.
فقال الشافعي: - رحمه الله – فقلت: واشوقاه إلى مالك!
فقال لي مجيبًا: عدل الله شوقك، ألا ترى إلى البعير الأورق؟ فقلت: أجل. قال: هو أحسن جمالنا قيادًا، وأسهلها مشيًا، ونحن ثمانية نفر، ذلك مما حسن الصحبة حتى تصل إلى مالك.
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فقلت: متى ظعنكم؟
فقالوا: في وقتنا هذا.
فما كان غير بعيد حتى قطروا بعضها إلى بعض وأركبوني البعير الذي كانوا وعدوني بركوبه. قال الشافعي – رحمه الله عليه -: فعلوت على ظهره وأخذ القوم في السير وأخذت أنا في الدرس فختمت من مكة إلى المدينة ست عشرة ختمة: ختمة بالليل وختمة بالنهار. ودخلتُ المدينة في اليوم الثامن بعد صلاة العصر، فأتيت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنوت من القبر فسلمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذتُ بقبره، فرأيتُ مالك بن أنس مؤتزرًا ببردة متشحًا بأخرى وهو يقول: حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر – ويضرب بيده على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الشافعي – رضي الله عنه -: فلما رأيت ذلك هبته الهيبة العظيمة، وجلست حيث انتهى بي المجلس، فأخذت عودًا من الأرض فجعلت كلما أملى مالكٌ حديثًا كتبته بريقي على يدي ومالك ينظر إلي من حيث لا أعلم – حتى انقضى المجلس، وجلس مالك ينتظر العشاء المغرب ولم ير أني انصرفت فيمن انصرف فأشار إلي بيده، فدنوت منه فنظر إلي ساعة ثم قال لي:
- أحَرَميٌّ أنت؟
قلت: وقرشي.
فقال: كملت صفاتك، فلم رأيتك سيئ الأدب.
فقلت: وما الذي رأيت من سوء أدبي؟
فقال: رأيتك وأنا أملي الألفاظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تلعب بريقك على يدك.
فقلت: عدم الورق، وكنت أكتب ما تقول.
فجذب مالك يدي فقال: ما لي لا أرى عليها شيئًا؟
فقلت: إن الريق لا يثبت على اليد، ولكن قد وعيتُ جميع ما حدثت به منذ وقت جلست إلى حين قطعت.
فعجب مالك من ذلك وقال: أعدْ علي ولو حديثًا واحدًا.
قال الشافعي – رحمه الله – فقلت: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر – وأشرت بيدي إلى القبر كإشارته – عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى أعدت عليه خمسة وعشرين حديثًا حدَّ ث بها من وقت جلس إلى وقت قطع المجلس. وسقط القرص وصلى مالك المغرب فأقبل على عبده فقال:
- خذ بيد سيدك إليك.
وسألني النهوض معه. قال الشافعي – رضي الله عنه -: فقمتُ غير ممتنع إلى ما دعا من كرامة. فلما أتيتُ الدار أدخلني الغلام إلى مخدع وقال لي:
- القبلة من البيت هكذا، وهذا إناء فيه ماء، وهذا الخلاء من الدار (وأشار إليه)
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فما لبث مالك غير بعيد حتى أقبل والغلام حاملٌ طبقًا فوضعه من يده. وسلَّم عليَّ مالك ثم قال للعبد:
- اغسل علينا.
فوثب الغلام إلى الإناء وأراد أن يغسل عليَّ أولاً، فصاح عليه مالك وقال:
- في أول الطعام لرب البيت، وفي آخر الطعام للضيف.
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فاستحسنتُ ذلك من مالك، وسألته عن ذلك فقال:
- إنه يدعو الناس إلى طعامه فحكمهُ أن يبتدئ بالغسل، وفي آخر الطعام ينتظر من يدخل ليأكل معه.
قال الشافعي – رحمه الله -: وكشف مالك الطبق وكان فيه صحفتان في إحداهما لبن وفي الأخرى تمر، فسمى وسميت.
قال الشافعي: فأتيت أنا ومالك على جميع الطعام، وعلم مالك أنا لم نأخذ من الطعام الكفاية فقال لي:
- يا أبا عبد الله هذا جهدٌ من مُقِلًّ، إني فقيرٌ مُعدم.
فقلت: لا عذر على من أحسن، إنما العذر على من أساء.
قال الشافعي: فأقبل مالك يسألني عن أهل مكة حتى دنا العشاء الآخرة ثم قال:
- حكم المسافر أن يحمل نفسه بالاضطجاع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فارقت مكة – وأنا ابن أربع عشرة سنة لا نبات يعارضني – من الأبطح إلى ذي طوى، وعلي بردان يمانيان، فرأيت ركبًا منيخة سلمتُ عليهم فردوا علي السلام، فوثب إلي شيخ كان فيهم فقال:
- سألت بمن ألقيت علينا سلامه إلا ما حضرت طعامنا، وما كنت علمت أ،هم أحضروا طعامًا. فأجبت مسرعًا غير محتشم، فرأيت القوم بدوا يأخذون الطعام بالخمس ويدفعون بالراحة، فأخذت كأخذهم كيلا يستشنع عليهم مأكلي. قال: والشيخ ينظر إلي ساعة بعد ساعة. ثم أخذت السقاء وشربت ريَّا، وحمدت الله تعالى وأثنيت عليه.
قال: فأقبل علي الشيخ وقال:
- مكي أنت؟
قلت: مكي.
قال: قرشي أنت؟
قلت: قرشي.
ثم أقبلت عليه وقلت له:
- يا عم بم استدللت علي؟
- فقال: أما في الحضر طعام؟ من أحب أن يأكل طعام الناس أحب أن يأكلوا طعامه، وذلك في قريش خصوصًا.
قال الشافعي: فقلت: من أين؟
قال: من يثرب مدينة النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت: مَنْ العالم بها والمتكلم في نص كتاب الله والمفتي بأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال: سيدُ أصبح، مالك بن أنس – رضي الله عنه -.
فقال الشافعي: - رحمه الله – فقلت: واشوقاه إلى مالك!
فقال لي مجيبًا: عدل الله شوقك، ألا ترى إلى البعير الأورق؟ فقلت: أجل. قال: هو أحسن جمالنا قيادًا، وأسهلها مشيًا، ونحن ثمانية نفر، ذلك مما حسن الصحبة حتى تصل إلى مالك.
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فقلت: متى ظعنكم؟
فقالوا: في وقتنا هذا.
فما كان غير بعيد حتى قطروا بعضها إلى بعض وأركبوني البعير الذي كانوا وعدوني بركوبه. قال الشافعي – رحمه الله عليه -: فعلوت على ظهره وأخذ القوم في السير وأخذت أنا في الدرس فختمت من مكة إلى المدينة ست عشرة ختمة: ختمة بالليل وختمة بالنهار. ودخلتُ المدينة في اليوم الثامن بعد صلاة العصر، فأتيت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنوت من القبر فسلمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذتُ بقبره، فرأيتُ مالك بن أنس مؤتزرًا ببردة متشحًا بأخرى وهو يقول: حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر – ويضرب بيده على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال الشافعي – رضي الله عنه -: فلما رأيت ذلك هبته الهيبة العظيمة، وجلست حيث انتهى بي المجلس، فأخذت عودًا من الأرض فجعلت كلما أملى مالكٌ حديثًا كتبته بريقي على يدي ومالك ينظر إلي من حيث لا أعلم – حتى انقضى المجلس، وجلس مالك ينتظر العشاء المغرب ولم ير أني انصرفت فيمن انصرف فأشار إلي بيده، فدنوت منه فنظر إلي ساعة ثم قال لي:
- أحَرَميٌّ أنت؟
قلت: وقرشي.
فقال: كملت صفاتك، فلم رأيتك سيئ الأدب.
فقلت: وما الذي رأيت من سوء أدبي؟
فقال: رأيتك وأنا أملي الألفاظ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تلعب بريقك على يدك.
فقلت: عدم الورق، وكنت أكتب ما تقول.
فجذب مالك يدي فقال: ما لي لا أرى عليها شيئًا؟
فقلت: إن الريق لا يثبت على اليد، ولكن قد وعيتُ جميع ما حدثت به منذ وقت جلست إلى حين قطعت.
فعجب مالك من ذلك وقال: أعدْ علي ولو حديثًا واحدًا.
قال الشافعي – رحمه الله – فقلت: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر – وأشرت بيدي إلى القبر كإشارته – عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى أعدت عليه خمسة وعشرين حديثًا حدَّ ث بها من وقت جلس إلى وقت قطع المجلس. وسقط القرص وصلى مالك المغرب فأقبل على عبده فقال:
- خذ بيد سيدك إليك.
وسألني النهوض معه. قال الشافعي – رضي الله عنه -: فقمتُ غير ممتنع إلى ما دعا من كرامة. فلما أتيتُ الدار أدخلني الغلام إلى مخدع وقال لي:
- القبلة من البيت هكذا، وهذا إناء فيه ماء، وهذا الخلاء من الدار (وأشار إليه)
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فما لبث مالك غير بعيد حتى أقبل والغلام حاملٌ طبقًا فوضعه من يده. وسلَّم عليَّ مالك ثم قال للعبد:
- اغسل علينا.
فوثب الغلام إلى الإناء وأراد أن يغسل عليَّ أولاً، فصاح عليه مالك وقال:
- في أول الطعام لرب البيت، وفي آخر الطعام للضيف.
قال الشافعي – رضي الله عنه -: فاستحسنتُ ذلك من مالك، وسألته عن ذلك فقال:
- إنه يدعو الناس إلى طعامه فحكمهُ أن يبتدئ بالغسل، وفي آخر الطعام ينتظر من يدخل ليأكل معه.
قال الشافعي – رحمه الله -: وكشف مالك الطبق وكان فيه صحفتان في إحداهما لبن وفي الأخرى تمر، فسمى وسميت.
قال الشافعي: فأتيت أنا ومالك على جميع الطعام، وعلم مالك أنا لم نأخذ من الطعام الكفاية فقال لي:
- يا أبا عبد الله هذا جهدٌ من مُقِلًّ، إني فقيرٌ مُعدم.
فقلت: لا عذر على من أحسن، إنما العذر على من أساء.
قال الشافعي: فأقبل مالك يسألني عن أهل مكة حتى دنا العشاء الآخرة ثم قال:
- حكم المسافر أن يحمل نفسه بالاضطجاع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]