لأتمم مكارم الأخلاق
نشأ الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول أمره إلى آخر لحظة من لحظات حياته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس وأفصحهم لساناً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق، أدبه الله فأحسن تأديبه، فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وأكثرهم حياء، وأوسعهم رحمة وشفقة، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلة .. وبالجملة فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله - صلى الله عليه وسلم - منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك القاصي والداني، والعدو والصديق ..
فهو بحق الرسول المصطفى والنبي المجتبى الذي قال عن نفسه: ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) رواه البخاري .
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضِعت هذه اللبنة؟، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )رواه البخاري .
ويقول عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته " .
قال القاضي عياض : " .. وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ..
وقد بُعِث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليتمم مكارم الأخلاق لأهميتها للفرد والأسرة، والمجتمع والأمة .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )رواه أحمد . وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ) رواه البخاري.
وهذه قطوف من أقواله، وقبس من أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حثه وأمره بالأخلاق، تضيء لنا الطريق لنعيش في روضة أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علما وعملا واقتداء ..
في الأخلاق عامة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( خياركم أحاسنكم أخلاقا ) رواه الترمذي . وقال: ( إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً ) رواه البخاري .
وفي معاملة الوالدين وبرهما، والاهتمام بهما وتقديهما على غيرهما : جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ( يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك، قال : ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك ) رواه مسلم .
وفي معاملة الزوجة خاصة، والمرأة عامة ـ سواء كانت أماً أو أختاً أو بنتا أو زوجة ـ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي .. و قال عليه الصلاة و السلام : ( استوصوا بالنساء خيراً ) رواه البخاري .
وحفاظا على المجتمع من انتشار الرذيلة واعتيادها : كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر بالستر وينهى عن الفضيحة فيقول: ( من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) رواه البخاري .
ويفتح طريق التوبة للمذنب، بل ويأمر صاحب المعصية أن يستر على نفسه، ولا يجهر بمعصيته أو يفتخر ويُحَّدِّث بها، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كل أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه البخاري .
وفي مراعاة أحوال الكبار وإكرامهم، والرفق بالصغار ورحمتهم، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا، ويرحم صغيرنا ) رواه أحمد .
ويهتم بأمر الجار والضيف فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) رواه البخاري .
ويحث على الرفق ويأمر به فيقول: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه (أعابه) ) رواه مسلم .
وفي حسن معاملة اليتيم والاهتمام به يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) رواه البخاري .
ويأمر بالتواضع وينهى عن الفخر، فيقول: ( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد ) رواه مسلم .
ويحث على الأمانة وعدم الخيانة فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخُن من خانك ) رواه البخاري .
وفي التقاضي: ( إن خياركم أحسنكم قضاء ) رواه البخاري .
وفي البيع والشراء: ( مَن غَشَّنا فليس منا ) رواه مسلم .. وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى ) رواه البخاري .
ويرسخ قيمة وخلق العدل ـ لأهميته في بناء المجتمع والأمة ـ في كلمته ووصيته التي خلدها التاريخ، حينما رد شفاعة حِبه أسامة بن زيد في العفو عن المرأة المخزومية التي سرقت، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) رواه البخاري .
ومن مفاتيح إصلاح المجتمع والحفاظ عليه النصيحة بآدابها، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الدين النصيحة ) رواه البخاري .
وهذا الذي ذكرناه من أقواله وأحاديثه في بعض الأخلاق والقيم قليل من كثير، وغيض من فيض، مما لا يمكن الإتيان على جميعه في مقال أو كتاب ..
لقد صار حسن الخلق مطلبا ملحا للأمة تبرز به الوجه الحضاري للإسلام، وتسترجع به سالف عزها وسابق مجدها، فقد كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا لِمَا يرون من حسن معاملة المسلمين وجميل أخلاقهم .. وأسوتهم وقدوتهم في ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، الذي كان خلقه القرآن، واهتم بالأخلاق ورفع شأنها فقال: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ..
نشأ الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أول أمره إلى آخر لحظة من لحظات حياته متحلياً بكل خلق كريم، مبتعداً عن كل وصف ذميم، فهو أعلم الناس وأفصحهم لساناً، يُضرب به المثل في الأمانة والصدق، أدبه الله فأحسن تأديبه، فكان أرجح الناس عقلاً، وأكثرهم أدباً، وأوفرهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، وأكثرهم حياء، وأوسعهم رحمة وشفقة، وأكرمهم نفساً، وأعلاهم منزلة .. وبالجملة فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله - صلى الله عليه وسلم - منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه، وأبعدهم عنه، شهد له بذلك القاصي والداني، والعدو والصديق ..
فهو بحق الرسول المصطفى والنبي المجتبى الذي قال عن نفسه: ( إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ) رواه البخاري .
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضِعت هذه اللبنة؟، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )رواه البخاري .
ويقول عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته " .
قال القاضي عياض : " .. وأما الأخلاق المكتسبة من الأخلاق الحميدة، والآداب الشريفة التي اتفق جميع العقلاء على تفضيل صاحبها، وتعظيم المتصف بالخلق الواحد منها فضلا عما فوقه، وأثنى الشرع على جميعها، وأمر بها، ووعد السعادة الدائمة للمتخلق بها، ووصف بعضها بأنه جزء من أجزاء النبوة، وهي المسماة بحسن الخُلق، فجميعها قد كانت خلق نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ..
وقد بُعِث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليتمم مكارم الأخلاق لأهميتها للفرد والأسرة، والمجتمع والأمة .
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ: ( إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق )رواه أحمد . وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال لما بلغ أبا ذر مبعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء، واسمع من قوله ثم ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثم رجع إلى أبي ذر ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ) رواه البخاري.
وهذه قطوف من أقواله، وقبس من أحاديثه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حثه وأمره بالأخلاق، تضيء لنا الطريق لنعيش في روضة أخلاق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علما وعملا واقتداء ..
في الأخلاق عامة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( خياركم أحاسنكم أخلاقا ) رواه الترمذي . وقال: ( إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقاً ) رواه البخاري .
وفي معاملة الوالدين وبرهما، والاهتمام بهما وتقديهما على غيرهما : جاء رجل إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ( يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك، قال : ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك ) رواه مسلم .
وفي معاملة الزوجة خاصة، والمرأة عامة ـ سواء كانت أماً أو أختاً أو بنتا أو زوجة ـ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي .. و قال عليه الصلاة و السلام : ( استوصوا بالنساء خيراً ) رواه البخاري .
وحفاظا على المجتمع من انتشار الرذيلة واعتيادها : كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر بالستر وينهى عن الفضيحة فيقول: ( من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ) رواه البخاري .
ويفتح طريق التوبة للمذنب، بل ويأمر صاحب المعصية أن يستر على نفسه، ولا يجهر بمعصيته أو يفتخر ويُحَّدِّث بها، فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كل أمتي معافى، إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه ) رواه البخاري .
وفي مراعاة أحوال الكبار وإكرامهم، والرفق بالصغار ورحمتهم، يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا، ويرحم صغيرنا ) رواه أحمد .
ويهتم بأمر الجار والضيف فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) رواه البخاري .
ويحث على الرفق ويأمر به فيقول: ( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه (أعابه) ) رواه مسلم .
وفي حسن معاملة اليتيم والاهتمام به يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً ) رواه البخاري .
ويأمر بالتواضع وينهى عن الفخر، فيقول: ( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد ) رواه مسلم .
ويحث على الأمانة وعدم الخيانة فيقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخُن من خانك ) رواه البخاري .
وفي التقاضي: ( إن خياركم أحسنكم قضاء ) رواه البخاري .
وفي البيع والشراء: ( مَن غَشَّنا فليس منا ) رواه مسلم .. وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى ) رواه البخاري .
ويرسخ قيمة وخلق العدل ـ لأهميته في بناء المجتمع والأمة ـ في كلمته ووصيته التي خلدها التاريخ، حينما رد شفاعة حِبه أسامة بن زيد في العفو عن المرأة المخزومية التي سرقت، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) رواه البخاري .
ومن مفاتيح إصلاح المجتمع والحفاظ عليه النصيحة بآدابها، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( الدين النصيحة ) رواه البخاري .
وهذا الذي ذكرناه من أقواله وأحاديثه في بعض الأخلاق والقيم قليل من كثير، وغيض من فيض، مما لا يمكن الإتيان على جميعه في مقال أو كتاب ..
لقد صار حسن الخلق مطلبا ملحا للأمة تبرز به الوجه الحضاري للإسلام، وتسترجع به سالف عزها وسابق مجدها، فقد كان الناس يدخلون في دين الله أفواجا لِمَا يرون من حسن معاملة المسلمين وجميل أخلاقهم .. وأسوتهم وقدوتهم في ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، الذي كان خلقه القرآن، واهتم بالأخلاق ورفع شأنها فقال: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) ..