الدبلوماسي في الشريعة الإسلامية
تحتل العلاقات الدبلوماسية في الشريعة الاسلامية اهمية خاصة بسبب طبيعة الدعوة الاسلامية التي تتطلب الاتصال بالشعوب الاخرى بواسطة الرسل بهدف نشر الاسلام وتوثيق الروابط السياسية والاجتماعية والعلمية مع تلك الشعوب وان مصطلح الرسول ( messenger) يحتل مكانة خاصة عند المسلمين نتيجة الاهتمام الذي اولته الشريعة الاسلامية بالرسل واطلقت هذا المصطلح على الانبياء كما ورد في العديد من الايات القرانية والاحاديث النبوية واقوال العلماء
وانطلاقا من المبادئ الاساسية التي جاءت بها الشريعة الاسلامية في نشر الاسلام تنظر الشريعة الاسلامية الى رسلها نظرة تقدير واحترام بالنظر للمهمة الصعبة الموكلة اليهم وتعتبر الاعتداء عليهم اعتداء على كرامة الامة التي ارسلتهم . ولهذا ركز القادة المسلمون الى اختيار الرسل (الممثلين الدبلوماسيين) ممن تتوفر فيهم الخصائص التالية
أ- طلاقة اللسان ولباقته.
ب- المدارك الثاقبة وحسن المنظر والمخبر.
ت- الشخصية الفذة التي تستطيع التاثير في النفس ليكون معبرا صادقا عن شخصية مرسلة
ث- ان يكون امينا في نقل ما اوكل اليه ويستطيع التصرف في الظرف الملائم
ج- صحيح الفطرة والمزاج ومؤدبا
وللشريعة الاسلامية منحى خاص في نظرتها حيث انها استخدمت الرسل في وقتي السلم والحرب كون الفتح الاسلامي لا يتخذ الحرب المباغتة وسيلة للفتوحات بل يسبق ذلك ابلاغ الاعداء بالدعوة الاسلامية حتى عند الحد الذي يصل فيه الجيش الاسلامي حدود المدينة المراد فتحها حيث لايجوز ان يقاتل الشخص الذي لم تبلغه الدعوة الى الاسلام ومن يرفض يطالب بدعوته لدفع الجزية قبل ان يقول السيف كلمته وهو ماجرى عليه منذ عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)
حيث كان رسل النبي ( صلى الله عليه وسلم) يحملون الرسائل الى الملوك والامراء للتفاوض معهم وبيان موقفهم من الاسلام كون العرب لم يعرفوا الغدر والخداع . اذ ان الحرب عندهم شجاعة واباء ولهذا اتسمت الدبلوماسية التي كانت تقوم على عدم البدء بالحرب المسلحة وعدم اللجوء الى استخدام السلاح الا في حالة الدفاع ضد الاعداء وحماية الضعفاء من الظلم وفي حالة التمرد وهذا ادى الى خروج الاسلام من جغرافيتة العربية الى جغرافية العالم .
ورافق نشر الدعوة الاسلامية مبدا الاعتراف الدولي الذي اعتمده الخلفاء الراشدون منذ البداية وكان هذا مبدأ ذا اهمية بالغة فهو يقوم على الاعتراف بالسيادة للخليفة مقابل الاعتراف بسيادة سلاطين الممالك الاسلامية وكان نمط المبايعة في الاسلام نوعا من الاعتراف بالسيادة للحاكم .
وكذلك اتبع الخلفاء الراشدون سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) في الاعتماد على الرسل بنشر الدعوة الاسلامية ولاسيما انهم كانوا رسل النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الى الاقوام الاخرى .
وبسبب سعة رقعة الدولة الاسلامية ومجاورتها لدول متعددة وازدياد تبادل الرسل مع هذه الدول ظهرت الحاجة الى وضع قواعد خاصة تنظم مركز الرسل في الدولة الاسلامية ومنحهم امتيازات خاصة تضمن اداء مهمتهم ولهذا اكد فقهاء الشريعة الاسلامية منح الرسل الاجانب الذين يوفدون اليها الامتيازات كافة التي يتمتع بها المستأمن في الدولة الاسلامية واعتبروا الرسول مستامناً تطبق عليه القواعد الخاصة بالمستأمن ومنحوه الامتيازات التالية :
1- دخول الرسول الدولة الاسلامية بدون عقد امان .(*) شرط ان يراعي واجباته دون تجاوز وان لا ياتي بفعل لا يأتلف مبادئ الشريعة الاسلامية ويتمتع الرسول بحق التنقل في ارض المسلمين بحرية تامة ويستطيع العودة الى دولته في أي وقت يشاء.
2- مدة اقامة الرسول. ذهب فقهاء الشريعة الاسلامية الى ان مدة اقامة الرسول تكون مطلقة وغير محدودة بمدة معينة. ولايجوز اخراج الرسول من الدولة الاسلامية الا في حالة قيامه باعمال خطره كالتجسس او الدعوة ضد الدين الاسلامي .
3- الاعفاء من التكاليف لقد اقر فقهاء الشريعة الاسلامية اعفاء الرسل من التكاليف التي تفرض على المسلمين .
4- صيانة شخص الرسول وامواله. الزم فقهاء الشريعة الاسلامية توفير حماية شخص الرسول وضمان تمتعه بحرية العقيدة واداء اعماله بحرية تامة. فلايجوز قتله او اسره او استرقاقه وعدم التعرض لامواله.
بناءا على ماتقدم تستند مصادر امتيازات الرسل في الشريعة الاسلامية الى
أ- المبادئ الانسانية التي جاءت بها الشريعة الاسلامية في حماية شخصية الانسان وان كان غير مسلما كقوله تعالى ( وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه ). كون الشريعة تخص الناس جميعا وتعمل على حمايتهم لقوله تعالى ( وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا)
ب- اقوال وافعال واقرار النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فقد روي عن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) عندما اتاه رسولان من مسيلمة الكذاب يزعمان ان مرسلهما نبي فقال لهما اتشهدان اني رسول الله قالا لا نشهد ان مسيلمة رسول الله فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لو كنت قاتلا رسولاً لقتلتكما. فمضت السنة على ان الرسل لا تقتل .
احتل المبعوث الدبلوماسي مكانة خاصة عند المسلمين انطلاقا من مبادئ الشريعة في نشر الدعوة الجديدة باسلوب المفاوضة والاقناع فنظرت الى رسلها نظرة احترام واعتبرت الاعتداء عليهم اعتداء على كرامة الامة كما ان الاسلام سعى للمسالمة اثناء المنازعات وتنظيم العلاقات في حال السلم والحرب وكانت تنظم العلاقات الدبلوماسية من خلال الممارسات التالية :
1- التحكيم : ان التحكيم كان معروفا بين قبائل الجزيرة في الجاهلية . وان المشرع الاسلامي اثبت جواز التحكيم طريقة سلمية لتسوية المنازعات في مجال القانونين الخاص والعام واقرار صحة التحكيم سواء كان التحكيم بين فريقين مسلمين او بين مسلم وغبر مسلم .
كما مورس التحكيم في الشريعة الاسلامية بموجب سوابق النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) حيث كان اول محكم في الخلاف الذي دب بين شيوخ قريش في مكة المكرمة عندما اختلفوا في رفع الحجر الاسود وجاء حكم النبي (صلى الله عليه وسلم) ضامنا لجميع حقوقهم ودرجاتهم المتساوية في نيل ذلك الشرف وبعد ان حمل النبي (صلى الله عليه وسلم) لواء الرسالة السماوية اصبح قائد الامة الاسلامية فقد لجأ الى التحكيم ،واورد القران الكريم التحكيم باية صريحة في قوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ). وعلى ذلك سار الخلفاء الراشدون وصحبهم .
2- الوساطة : اوصى المشرع الاسلامي بالوساطة لحل النزاعات وخاصة بين الجماعات الاسلامية فقد حرم الاسلام الحرب الاعتدائية حتى مع غير المسلمين وبالتالي فانه من باب اولى ان يتناول التحريم كل قتال بين المسلمين وتايد ذلك بالحديث النبوي الشريف ( من حمل علينا السلاح فليس منا ).
والدليل الشرعي لوجوب اللجوء الى الوساطة قوله تعالى ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين ) من هذه الاية يتضح لنا انها اوجبت الوساطة للسعي الى الاصلاح
ونهى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم ) عن بيع السلاح في وقت الفتنة سدا لذريعة الاعانة على المعصية واوجبت الاية ان يكون الحكم عادل وعدم البغي في الوساطة ضد طرف لمصلحة طرف اخر.
وهذه الاية لها مغزاها الدولي ففي ثناياه وجوب التعاون في سبيل تحقيق السلام الدولي القائم على العدل والقسط وتامر بالمصالحة والوساطة كتدبير وقائي دبلوماسي واشارت الاية الى نوع العقاب الجماعي ضد الطرف الباغي.
وهنا لابد من التنويه بان القواعد الشرعية التي تحكم العلاقات الدولية في الاسلام هي قواعد عالمية تطبق على جميع الشعوب من غير تمييز بسبب اللون او الجنس او الجنسية او المعتقد لان الانسان هو غاية الاسلام وجميع الناس امة واحدة.
اما عندما نتناول الصورة المعاكسة للسلام في الشرع الاسلامي اذ لم يجيز الاسلام الحرب الا في حالات خاصة محددة وما عداه عده الشرع جريمة . وهذا الحكم هو الاساس لما يسمى حاليا بحق الدفاع الشرعي في العلاقات الدولية كما ان الاسلام اول من وضع نظام يفرض فيه على المسلمين حقوقا ويلزمهم بواجبات وان حقوقهم قائمة اساسا على العدالة والاصلاح بين الناس ودفع الفساد من غير ان تذهب حقوق المخالف سدى
ان هذه العلاقة التي توصل المسلمين بعضهم ببعض مستمدة من اصلها على اساس الود والسلم.
مما تقدم يمكن اعتبار اسس القواعد التي تحكم العلاقات الدولية حاليا ووصفها مبدا المساواة والسيادة والحقوق والواجبات بين الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وتسوية المنازعات بالحسنى قد اقرته الشريعه الاسلامية وهي صاحبة اللبنات الاولى في هذا المضمار .
3- الصلح : الصلح في الاسلام اما ان يكون مؤقتا كصلح الحديبية حيث كان امده عشرة سنوات او ان يكون دائميا وانهاء الحرب وعقد الصلح في الاسلام مشروط بوجود المصلحة فيه. لقوله تعالى ( فان اعتزلوكم فلم يقاتلونكم والقو اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا)
ولعل اجمل ما قيل في الصلح الكلام الماثور للامام علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه) (لاتدفعن صلحا دعاك اليه عدوك ولله فيه رضا .. فان في الصلح دعه لجنودك وراحة من همومك وامنا لبلادك ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه فان العدو ربما قارب ليتغفل)
تحتل العلاقات الدبلوماسية في الشريعة الاسلامية اهمية خاصة بسبب طبيعة الدعوة الاسلامية التي تتطلب الاتصال بالشعوب الاخرى بواسطة الرسل بهدف نشر الاسلام وتوثيق الروابط السياسية والاجتماعية والعلمية مع تلك الشعوب وان مصطلح الرسول ( messenger) يحتل مكانة خاصة عند المسلمين نتيجة الاهتمام الذي اولته الشريعة الاسلامية بالرسل واطلقت هذا المصطلح على الانبياء كما ورد في العديد من الايات القرانية والاحاديث النبوية واقوال العلماء
وانطلاقا من المبادئ الاساسية التي جاءت بها الشريعة الاسلامية في نشر الاسلام تنظر الشريعة الاسلامية الى رسلها نظرة تقدير واحترام بالنظر للمهمة الصعبة الموكلة اليهم وتعتبر الاعتداء عليهم اعتداء على كرامة الامة التي ارسلتهم . ولهذا ركز القادة المسلمون الى اختيار الرسل (الممثلين الدبلوماسيين) ممن تتوفر فيهم الخصائص التالية
أ- طلاقة اللسان ولباقته.
ب- المدارك الثاقبة وحسن المنظر والمخبر.
ت- الشخصية الفذة التي تستطيع التاثير في النفس ليكون معبرا صادقا عن شخصية مرسلة
ث- ان يكون امينا في نقل ما اوكل اليه ويستطيع التصرف في الظرف الملائم
ج- صحيح الفطرة والمزاج ومؤدبا
وللشريعة الاسلامية منحى خاص في نظرتها حيث انها استخدمت الرسل في وقتي السلم والحرب كون الفتح الاسلامي لا يتخذ الحرب المباغتة وسيلة للفتوحات بل يسبق ذلك ابلاغ الاعداء بالدعوة الاسلامية حتى عند الحد الذي يصل فيه الجيش الاسلامي حدود المدينة المراد فتحها حيث لايجوز ان يقاتل الشخص الذي لم تبلغه الدعوة الى الاسلام ومن يرفض يطالب بدعوته لدفع الجزية قبل ان يقول السيف كلمته وهو ماجرى عليه منذ عهد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)
حيث كان رسل النبي ( صلى الله عليه وسلم) يحملون الرسائل الى الملوك والامراء للتفاوض معهم وبيان موقفهم من الاسلام كون العرب لم يعرفوا الغدر والخداع . اذ ان الحرب عندهم شجاعة واباء ولهذا اتسمت الدبلوماسية التي كانت تقوم على عدم البدء بالحرب المسلحة وعدم اللجوء الى استخدام السلاح الا في حالة الدفاع ضد الاعداء وحماية الضعفاء من الظلم وفي حالة التمرد وهذا ادى الى خروج الاسلام من جغرافيتة العربية الى جغرافية العالم .
ورافق نشر الدعوة الاسلامية مبدا الاعتراف الدولي الذي اعتمده الخلفاء الراشدون منذ البداية وكان هذا مبدأ ذا اهمية بالغة فهو يقوم على الاعتراف بالسيادة للخليفة مقابل الاعتراف بسيادة سلاطين الممالك الاسلامية وكان نمط المبايعة في الاسلام نوعا من الاعتراف بالسيادة للحاكم .
وكذلك اتبع الخلفاء الراشدون سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) في الاعتماد على الرسل بنشر الدعوة الاسلامية ولاسيما انهم كانوا رسل النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الى الاقوام الاخرى .
وبسبب سعة رقعة الدولة الاسلامية ومجاورتها لدول متعددة وازدياد تبادل الرسل مع هذه الدول ظهرت الحاجة الى وضع قواعد خاصة تنظم مركز الرسل في الدولة الاسلامية ومنحهم امتيازات خاصة تضمن اداء مهمتهم ولهذا اكد فقهاء الشريعة الاسلامية منح الرسل الاجانب الذين يوفدون اليها الامتيازات كافة التي يتمتع بها المستأمن في الدولة الاسلامية واعتبروا الرسول مستامناً تطبق عليه القواعد الخاصة بالمستأمن ومنحوه الامتيازات التالية :
1- دخول الرسول الدولة الاسلامية بدون عقد امان .(*) شرط ان يراعي واجباته دون تجاوز وان لا ياتي بفعل لا يأتلف مبادئ الشريعة الاسلامية ويتمتع الرسول بحق التنقل في ارض المسلمين بحرية تامة ويستطيع العودة الى دولته في أي وقت يشاء.
2- مدة اقامة الرسول. ذهب فقهاء الشريعة الاسلامية الى ان مدة اقامة الرسول تكون مطلقة وغير محدودة بمدة معينة. ولايجوز اخراج الرسول من الدولة الاسلامية الا في حالة قيامه باعمال خطره كالتجسس او الدعوة ضد الدين الاسلامي .
3- الاعفاء من التكاليف لقد اقر فقهاء الشريعة الاسلامية اعفاء الرسل من التكاليف التي تفرض على المسلمين .
4- صيانة شخص الرسول وامواله. الزم فقهاء الشريعة الاسلامية توفير حماية شخص الرسول وضمان تمتعه بحرية العقيدة واداء اعماله بحرية تامة. فلايجوز قتله او اسره او استرقاقه وعدم التعرض لامواله.
بناءا على ماتقدم تستند مصادر امتيازات الرسل في الشريعة الاسلامية الى
أ- المبادئ الانسانية التي جاءت بها الشريعة الاسلامية في حماية شخصية الانسان وان كان غير مسلما كقوله تعالى ( وان احد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مامنه ). كون الشريعة تخص الناس جميعا وتعمل على حمايتهم لقوله تعالى ( وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا)
ب- اقوال وافعال واقرار النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فقد روي عن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) عندما اتاه رسولان من مسيلمة الكذاب يزعمان ان مرسلهما نبي فقال لهما اتشهدان اني رسول الله قالا لا نشهد ان مسيلمة رسول الله فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لو كنت قاتلا رسولاً لقتلتكما. فمضت السنة على ان الرسل لا تقتل .
احتل المبعوث الدبلوماسي مكانة خاصة عند المسلمين انطلاقا من مبادئ الشريعة في نشر الدعوة الجديدة باسلوب المفاوضة والاقناع فنظرت الى رسلها نظرة احترام واعتبرت الاعتداء عليهم اعتداء على كرامة الامة كما ان الاسلام سعى للمسالمة اثناء المنازعات وتنظيم العلاقات في حال السلم والحرب وكانت تنظم العلاقات الدبلوماسية من خلال الممارسات التالية :
1- التحكيم : ان التحكيم كان معروفا بين قبائل الجزيرة في الجاهلية . وان المشرع الاسلامي اثبت جواز التحكيم طريقة سلمية لتسوية المنازعات في مجال القانونين الخاص والعام واقرار صحة التحكيم سواء كان التحكيم بين فريقين مسلمين او بين مسلم وغبر مسلم .
كما مورس التحكيم في الشريعة الاسلامية بموجب سوابق النبي محمد (صلى الله عليه وسلم ) حيث كان اول محكم في الخلاف الذي دب بين شيوخ قريش في مكة المكرمة عندما اختلفوا في رفع الحجر الاسود وجاء حكم النبي (صلى الله عليه وسلم) ضامنا لجميع حقوقهم ودرجاتهم المتساوية في نيل ذلك الشرف وبعد ان حمل النبي (صلى الله عليه وسلم) لواء الرسالة السماوية اصبح قائد الامة الاسلامية فقد لجأ الى التحكيم ،واورد القران الكريم التحكيم باية صريحة في قوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ). وعلى ذلك سار الخلفاء الراشدون وصحبهم .
2- الوساطة : اوصى المشرع الاسلامي بالوساطة لحل النزاعات وخاصة بين الجماعات الاسلامية فقد حرم الاسلام الحرب الاعتدائية حتى مع غير المسلمين وبالتالي فانه من باب اولى ان يتناول التحريم كل قتال بين المسلمين وتايد ذلك بالحديث النبوي الشريف ( من حمل علينا السلاح فليس منا ).
والدليل الشرعي لوجوب اللجوء الى الوساطة قوله تعالى ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين ) من هذه الاية يتضح لنا انها اوجبت الوساطة للسعي الى الاصلاح
ونهى الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم ) عن بيع السلاح في وقت الفتنة سدا لذريعة الاعانة على المعصية واوجبت الاية ان يكون الحكم عادل وعدم البغي في الوساطة ضد طرف لمصلحة طرف اخر.
وهذه الاية لها مغزاها الدولي ففي ثناياه وجوب التعاون في سبيل تحقيق السلام الدولي القائم على العدل والقسط وتامر بالمصالحة والوساطة كتدبير وقائي دبلوماسي واشارت الاية الى نوع العقاب الجماعي ضد الطرف الباغي.
وهنا لابد من التنويه بان القواعد الشرعية التي تحكم العلاقات الدولية في الاسلام هي قواعد عالمية تطبق على جميع الشعوب من غير تمييز بسبب اللون او الجنس او الجنسية او المعتقد لان الانسان هو غاية الاسلام وجميع الناس امة واحدة.
اما عندما نتناول الصورة المعاكسة للسلام في الشرع الاسلامي اذ لم يجيز الاسلام الحرب الا في حالات خاصة محددة وما عداه عده الشرع جريمة . وهذا الحكم هو الاساس لما يسمى حاليا بحق الدفاع الشرعي في العلاقات الدولية كما ان الاسلام اول من وضع نظام يفرض فيه على المسلمين حقوقا ويلزمهم بواجبات وان حقوقهم قائمة اساسا على العدالة والاصلاح بين الناس ودفع الفساد من غير ان تذهب حقوق المخالف سدى
ان هذه العلاقة التي توصل المسلمين بعضهم ببعض مستمدة من اصلها على اساس الود والسلم.
مما تقدم يمكن اعتبار اسس القواعد التي تحكم العلاقات الدولية حاليا ووصفها مبدا المساواة والسيادة والحقوق والواجبات بين الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وتسوية المنازعات بالحسنى قد اقرته الشريعه الاسلامية وهي صاحبة اللبنات الاولى في هذا المضمار .
3- الصلح : الصلح في الاسلام اما ان يكون مؤقتا كصلح الحديبية حيث كان امده عشرة سنوات او ان يكون دائميا وانهاء الحرب وعقد الصلح في الاسلام مشروط بوجود المصلحة فيه. لقوله تعالى ( فان اعتزلوكم فلم يقاتلونكم والقو اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا)
ولعل اجمل ما قيل في الصلح الكلام الماثور للامام علي بن ابي طالب (كرم الله وجهه) (لاتدفعن صلحا دعاك اليه عدوك ولله فيه رضا .. فان في الصلح دعه لجنودك وراحة من همومك وامنا لبلادك ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه فان العدو ربما قارب ليتغفل)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]