[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ميزان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرجال لا ينظر إلى الفوارق في اللون والجنس والنسب، ولا يرجع إلى الجاه والمال والمنصب، فالناس كلهم لآدم، وآدم خُلق من تراب .. وإنما التفاضل فيه بتقوى الله والعمل الصالح, كما قال الله تعالى: { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }( الحجرات: 13) .
قال ابن تيمية: " ولهذا ليس في كتاب الله آية واحدة يمْدحُ فيها أحدا بنسبه، ولا يذُمُ أحدا بنسبه، وإنما يمدحُ الإيمان والتقوى، ويذم بالكفر والفسوق والعصيان " .
وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: ( خطبنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسط أيام التشريق في حجة الوداع، فقال: أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغتُ؟، قالوا : بلى يا رسول الله، قال : فليُبلغ الشاهدُ الغائب ) رواه أحمد .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم ) رواه مسلم .
ومواقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحاديثه التي تبين أن الميزان الصحيح والدقيق للرجال لا يكون بالصور والمناظر، ولكن بالتقوى والعمل الصالح كثيرة، منها :
عن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ قال: ( مر رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: لرجل عنده جالس ما رأيك في هذا؟، فقال رجل من أشراف الناس: هذا - والله حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، قال: فسكت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم مر رجل، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ما رأيك في هذا؟ فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين، هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع لقوله، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ) رواه البخاري .
وفي رواية للحديث أن اسم هذا الفقير جُعيل، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( فجُعيل خير من ملئ الأرض مثل هذا )، وجعيل بن سراقة الضمري من فقراء المسلمين، وكان رجلا صالحا دميما قبيحا، أسلم قديما، وشهد مع رسول الله أُحدا .
قال ابن حجر: " وفي الحديث بيان فضل جُعيل المذكور، وأن السيادة بمجرد الدنيا لا أثر لها، وإنما الاعتبار في ذلك بالآخرة كما تقدم، أن العيش عيشُ الآخرة، وأن الذي يفوته الحظ من الدنيا، يعاض عنه بحسنة الآخرة .. تبين من سياق طرق القصة أن جهة تفضيله إنما هي لفضله بالتقوى " .
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يجتني سواكا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( مم تضحكون؟!، قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد ) رواه أحمد .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: ( قيل للنبي ـ صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس ؟، قال: أكرمهم أتقاهم، قالوا : يا نبي الله ليس عن هذا نسألُك، قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابنُ نبي الله، ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألونني؟، قالوا: نعم، قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، إذا فقهُوا ) رواه البخاري .
قال النووي: " قال القاضي عياض: وقد تضمن الحديث في الأجوبة الثلاثة أن الكرم كله عمومه وخصوصه ومجمله ومبانيه إنما هو بالدين .. " .
وقد تكرر سؤال الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - عن خير الناس وأفضلهم في مواطن كثيرة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في جوابه يؤكد على خيرية العبادة والعمل الصالح، فحين جاءه أعرابي فقال: أي الناس خير؟ فأجابه - صلى الله عليه وسلم -: ( رجل جاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره ) رواه البخاري .
ومرة أخرى سأله الصحابة: أي الناس خير؟، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من طال عمره وحسُن عمله ) رواه الترمذي . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي .
ونحن في زمان انقلبت فيه الموازين عند البعض فصاروا يفاضلون بين الرجال بالمظهر والمال، والحسب والجاه، دون النظر إلى الدين والتقوى والعمل الصالح، وهذا ولا شك من الخلل البين والانحراف عن ميزان الرجال الصحيح في السنة النبوية: ( ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ) .
اسلام ويب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]